فلنتفق على كيفية تحصيل ضرائب الشركات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فلنتفق على كيفية تحصيل ضرائب الشركات

    تسبب الضرائب على الشركات صداعاً متزايداً بالنسبة لصانعي السياسة في مختلف أنحاء العالم. فهم واقعون تحت الضغط من الشركات الكبرى، التي تطالب بتنازلات، مع التهديد بنقل مقارها الرئيسية إلى بلدان أخرى. وقد تم تخفيض المعدلات الضريبية على الشركات، وتغيير القوانين لجعل الحياة أسهل بالنسبة للشركات التي تُحَصِّل معظم دخلها من بلدان أجنبية.

    لكن في الوقت الذي ترحب فيه جماعات الضغط بهذه الإجراءات، هناك جهات أخرى تعارضها. فالمتظاهرون الغاضبون يحاصرون ''فوادافون'' ويحتلون ''فورترام آند ميسون''. ويدعي المحتجون أن من غير المنصف أن تدفع الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة العاملة في بريطانيا ضرائب قليلة. وكشف بنك باركليز أمام لجنة مستاءة تابعة لوزارة المالية أنه على الرغم من أن البنك مستمر في الاعتماد على مساندة الحكومة البريطانية للوفاء بمتطلباته التمويلية، إلا أن ضريبة الحكومة البريطانية تشكل جزءاً ضئيلاً للغاية من أرباحه العالمية.

    وما يزيد الطين بلة، التنافس على تأمين النشاط الاقتصادي والإيرادات الضريبية من الشركات. اللوحات المعدنية على مباني المكاتب في الملاذات الضريبية تهدف إلى التعريف بمقار الشركات التي لا تنتج، أو تبيع أية منتجات في السوق المحلية. وحددت إيرلندا طريقة العمل بين البلدان المتقدمة من حيث اجتذاب الشركات العالمية لتحديد أماكن النشاطات والإبلاغ عن الأرباح هناك مع ضريبة على الشركات مقدارها 12.5 في المائة، لكن البلدان الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي تشعر باستياء عميق من هذه السياسة. ومن المرجح أن تسير إيرلندا الشمالية في هذا الخط، وإذا فعلت فإن كلاً من اسكتلندا وويلز ستسعى للقفز على الموجة.

    وينظر معظم الناس إلى ضريبة الشركات على أنها ضريبة جبائية على رؤوس الأموال. لكن الابتكار المالي والعولمة جعلا رأس المال قابلاً للتبادل. وفي العادة تكون للمعامل والمعدات أماكن يمكن تحديدها، لكن في الأعمال المعقدة لا توجد صلة واضحة بين ذلك الموقع ورأس المال الذي مول الاستثمار.

    وحين تكون الأصول الرئيسية للشركات غير ملموسة، فإن تحديد موقع أرباحها يبقى أكثر صعوبة. وحين تكتشف شركة سويسرية عقاراً في مختبر أبحاث تابع لها في بريطانيا، وتقوم بتصنيعه في بلجيكا، وتبيعه في الولايات المتحدة، سيكون الفرق كبيراً بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع، لكن من أي بلد سيكون منشأ الأرباح؟ بالتأكيد لن يكون في جزر الكاريبي الهولندية، حيث يقع مقر الشركة التي تمتلك براءة اختراع الدواء.

    الجواب المتفق عليه على المستوى الدولي بخصوص تقسيم الغنائم هو مبدأ أن يكون أطراف التعامل ''مستقلين وعلى قدم المساواة''، وهو مبدأ يطلب ما يمكن أن تكون عليه أسعار التحويل العالمية في سوق تنافسية. لكن لا يمكن أن تكون هناك سوق تنافسية للسلعة التي تحمل علامة تجارية، أو للدواء الذي يحمل براءة اختراع، وهذا هو السبب في أن التعامل مربح للمالك. من الناحية العملية يعتبر مبدأ التكافؤ بين أطراف التعامل أنه ينسب المنفعة إلى صاحب السلعة.

    ربما تكون ضريبة الشركات في سبيلها إلى الانقراض وأنه ينبغي أن تفرض الضريبة على المدَّخرين والمستثمرين بدلاً من فرضها على الشركات. لاحظ أن المضامين المترتبة على المالية العامة من جراء ذلك ليست كبيرة كما قد يخطر على البال. فالحكومة البريطانية تُحصِّل نحو 7 في المائة من إيراداتها من ضريبة الشركات، لكن معظم هذه الضريبة يمكن تحصيلها على شكل ضريبة دخل على أرباح الأسهم حتى لو لم يكن هناك وجود لضريبة الشركات.

    وهناك خيار آخر يتمثل في فرض الضرائب محلياً على الشركات، وأن تكون الضريبة مفروضة على قسم بسيط من دخلها العالمي، يكون محسوباً بالاستناد إلى نشاطها في السوق المحلية. وقد أدت محاولة كاليفورنيا لتطبيق ذلك إلى إحداث أكبر شرخ بين بريطانيا وأمريكا منذ مسيرة بول ريفر (سار بول ريفر على حصان من مدينتي بوسطن إلى كونكورد في ماساتشوسِتس لتحذير الثوار الأمريكيين من قدوم البريطانيين لمهاجمتهم، وكان ذلك في عام 1775). وفهمت الشركات الدولية البريطانية التي اشتعلت غضباً، أن التطبيق العام للضريبة الأحادية (في كل بلد) من شأنه ضمان أن يؤدي التنافس الضريبي إلى دفع الأسعار إلى الأعلى، وليس إلى دفعها إلى الأدنى، كما هو الحال في الوقت الحاضر.

    وكحل بديل، يمكن أن ننظر إلى الجوانب الاقتصادية الكامنة. الجواب في مثال العقار هو أن معظم الأرباح تنشأ من الولايات المتحدة لأن هذا المكان فقط هو الذي لا غنى عنه لتحقيق الأرباح. ويكون الجواب الصحيح بصورة تقريبية في هذه الحالة هو تخصيص الأرباح بالإشارة إلى التوزيع الجغرافي للمبيعات. لكن ليس دائماً. يمكن من خلال الحجة نفسها أن ننسب الأرباح من إنتاج النفط، أو القدرات الألمانية في هندسة الآلات الدقيقة، إلى موقع الإنتاج وليس إلى موقع الاستهلاك.

    إن المطالبة بالاتفاق الاقتصادي العالمي هو، بصورة عامة، وصفة للاجتماعات المكلفة دون تحقيق نتائج. لكن إذا أردنا ألا تختفي الضريبة على الشركات الدولية في مستنقع التعقيد والروغان، ليس هناك في واقع الأمر بديل عن اتفاق من هذا القبيل – مع بعض الأفكار الجديدة.
يعمل...
X